<BLOCKQUOTE>
هذه ليست مسؤليته بل مسؤلية الحكومة التي لم تعد تترك له ما يمكنه أن يعيش منه ويعول به أولاده، فضرائبها ورشاوي موظفيها وفسادهم تأكل دخله، لذا يرى أنه يدفع ما يكفل له حياة نظيفة، لكن للأسف ما يدفعه يذهب إلىجيوب سماسرة التعاقدات الأجنبية، والفاسدين من الموظفين، فماذا عليه أن يفعل
</BLOCKQUOTE>
إلىجيوب سماسرة التعاقدات الأجنبية a- e7sas.ba7r.org
رائحة الشوارع من فساد الحكومة
هنا القاهرة.. أم الدنيا ماذا حل بك؟
<BLOCKQUOTE>القمامة تكتم أنفاس العاصمة المصرية، تسفد الذائقة البصرية وتحيل المدينة الى ركام عشوائي
</BLOCKQUOTE>
ميدل ايست اونلاين
القاهرة – من محمد الحمامصي
<BLOCKQUOTE>هنا القاهرة، فوضى الأكشاك والباعة الذين يفترشون الأرصفة والشوارع في الأحياء الراقية والشعبية والعشوائية، من الزمالك إلى المهندسين إلى شبرا وبولاق الدكرور، إلى وسط القاهرة، تواجهك أينما ذهبت، فعلى بعد خطوات من وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالي وهيئة الإنتاج الحربي والعديد من مؤسسات الدولة ـ على سبيل المثال ـ يمكنك أن تشهد مركزا شديد الكثافة لباعة الأرصفة والشوارع، فواكه وخضراوات وأحذية وملابس داخلية ومعلبات، كل لزوم البيت المصري، ويشهد هذا المركز الرصيفي الشوارعي ـ إذا جاز التعبير ـ إقبال العاملين في هذه الوزارة والهيئات مضافا إليهم العاملين بمصلحة الضرائب، وفي مواجهة هذا السوق يقف ضريح زعيم الأمة سعد زغلول ببنائه الفريد.
</BLOCKQUOTE>
فإذا تجولت في وسط القاهرة، هذا الوسط الذي يمثل القاهرة الخديوية التي تضم ما يقرب من 300 عمارة تمثل طرازا معماريا فريدا وشهدت أو مرت بها أحداث سياسية ووطنية وإنسانية ومصيرية، حيث أقام التاريخ المصري في هذه المباني المهمة فترة ليست قصيرة، كان الأمر لا يقل سوءا وإن اختلفت شكل العرض، ونوعية المفروش على الأرصفة، حيث يتخصص وسط القاهرة بباعة الملابس والإكسسوارات الحريمي والرجالي على اختلافها ولعب الأطفال والأحذية، وغير ذلك، ويتمركز ذلك في الشوارع الرئيسية مثل شارع 26 يوليو، وشارع طلعت حرب، وشارع هدى شعراوي وفؤاد وشارع رمسيس وشارع الجمهورية وميدان عابدين وميدان مصطفى كامل وغيرها.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك حيث تجتاح الكافتيريات والمقاهي قلب شوارع وسط القاهرة الفرعية، أما المحال التجارية الغنية بقلة الذوق والتي تمتلك عمارة وسط القاهرة فتشكل سياجا أقرب ما يكون لمستنقع يأكل في أساسات القيم الجمالية والفنية والمعمارية لعمارة القاهرة الباريسية تلك التي بناها الخديوي إسماعيل على نسق عمارة باريس أواخر القرن التاسع عشر.
وليت الأمر يبقى رهنا لما سبق الإشارة إليه، فالقاذورات ومخلفات المحال التجارية ومحلات الأطعمة التي تلف القاهرة، وأبشع مما يتصوره أحد يتم في قلب القاهرة الخديوية وتحت عماراتها التاريخية، مثلا ما بين شوارع رمسيس و26 يوليو وعماد الدين (منطقة الإسعاف التي تضم عددا من أهم عمارات القاهرة الخديوية) وحيث سنترال رمسيس ودار القضاء العالي ونقابة المحامين، هناك يفترش الأرصفة الباعة وعلى الطرف المقابل مطاعم ومقاهي وسوق فاكهة وخضراوات وسوق قطع غيار السيارات، وهناك في القلب ميدان تلقى فيه المخلفات، علب كشري وزجاجات مياه غازية وكرتون وبواقي سندوتشات الفلافل وأكواب المثلجات، ومخلفات المقاهي وغير ذلك.
لم تسلم حتى الأحياء الراقية من أكوام القمامة والقاذورات كحي مصر الجديدة وجاردن سيتي والزمالك والمهندسين منها، أما الأحياء الشعبية والعشوائية فحدث عما يجتاح شوارعها من أكوام القمامة، ولا حرج.
وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية المتعاقدة مع شركات أجنبية لتنظيف شوارع القاهرة وجمع القمامة من البيوت، وتحصّل من المواطن المصري مع فاتورة الكهرباء رسوما باهظة على ذلك، إلا أن المواطن المصري لا يزال ينزل من بيته حاملا كيس قمامته ليلقيه في أقرب مكان تطوله يده، وأصحاب المحال يلقونها في الشوارع الخلفية، والمواطنون يلقونها في الميادين العامة والشوارع الرئيسية، الأمر الذي جعل القمامة مشهدا رئيسيا في الشارع المصرى لا يستطيع أحد أن ينكره لأنه جاثم على صدر كل من يمر في أي شارع من شوارعها، وتمتلئ الصحف اليومية الرسمية والخاصة والمستقلة والمعارضة بشكاوى السكان على اختلاف شرائحهم الاجتماعية من تراكم القمامة وما تسببه من أمراض دون أن يتخذ أحد إجراء يحول دون تفاقم هذه الكارثة.
ما الذي يجري يتساءل المواطن المصري يوميا، فهو إن كان مشاركا في صنع المأساة التي تعاني منها مدينته، إلا أنه يرى أن هذه ليست مسؤليته بل مسؤلية الحكومة التي لم تعد تترك له ما يمكنه أن يعيش منه ويعول به أولاده، فضرائبها ورشاوي موظفيها وفسادهم تأكل دخله، لذا يرى أنه يدفع ما يكفل له حياة نظيفة، لكن للأسف ما يدفعه يذهب إلى جيوب سماسرة التعاقدات الأجنبية، والفاسدين من الموظفين، فماذا عليه أن يفعل سوى أن يضرب بعرض الحائط بكل ما يستطيع من قوانين وقيم جمالية وغيرها.